عشيرة بني هاني : التاريخ، الأصول، ودورهم في بناء الأردن تاريخ استقرار عشيرة بني هاني: تُعد عشيرة بني هاني من أعرق العشائر الأردنية وأقدم...
عشيرة بني هاني : التاريخ، الأصول، ودورهم في بناء الأردن
تاريخ استقرار عشيرة بني هاني:
تُعد عشيرة بني هاني من أعرق العشائر الأردنية وأقدمها استقرارًا في شمال الأردن، خاصة في مدينة إربد وقراها مثل كفريوبا والبارحة. بحسب الروايات المحلية والوثائق العثمانية، يعود تاريخ استقرار عشيرة بني هاني في هذه المناطق إلى القرن السادس عشر الميلادي، حيث تشير بعض المصادر إلى أن العشيرة كانت قد استقرت سابقًا في مناطق البلقاء، مثل السلط، قبل أن تنقل مواطنها نحو الشمال مع بداية الحكم العثماني في بلاد الشام. في تلك الفترة، بدأ العديد من العشائر في المنطقة بالتنقل وتغيير مواقع استقرارهم بسبب ضغوطات مختلفة، منها الجباية العثمانية، والحروب مع قبائل أخرى، وأيضًا بسبب البحث عن أراضٍ زراعية خصبة. مع مرور الوقت، بدأت عشيرة بني هاني في الانتقال إلى شمال الأردن، حيث استقرت بشكل أساسي في مدينة إربد وبعض القرى المجاورة مثل كفريوبا والبارحة.
وتشير الوثائق العثمانية إلى أن العشيرة كانت موجودة في هذه المنطقة خلال فترة الحكم العثماني، حيث كان لها دور مهم في العلاقات الاجتماعية والسياسية في شمال الأردن. وبفضل موقعها الاستراتيجي في مناطق إربد، أصبحت عشيرة بني هاني واحدة من العشائر البارزة التي ساهمت في تنمية المنطقة اقتصاديًا وثقافيًا.
كما أن الوثائق العثمانية تحتوي على إشارات إلى العشيرة في سجلات الجباية التي كانت تديرها الدولة العثمانية، حيث كانت تعدّ جزءًا من التركيبة الاجتماعية والاقتصادية التي اعتمد عليها العثمانيون في جمع الضرائب من مختلف المناطق. وقد كان لهذه العشيرة دور بارز في التفاعل مع النظام العثماني، سواء من خلال تعاونها أو من خلال مقاومة بعض السياسات العثمانية التي أثرت على وضعهم الاجتماعي.
ومع بداية الثورة العربية الكبرى في عام 1916، كانت عشيرة بني هاني واحدة من العشائر التي دعمت الثورة ضد الحكم العثماني. وقد شارك أبناؤها في المعارك ضد القوات العثمانية، وكان لهم دور مهم في العمليات العسكرية التي دارت في شمال الأردن، حيث كانت إربد وبلاد الشام بشكل عام من أبرز المناطق التي شهدت تمردات شعبية ضد السلطة العثمانية.
عقب نهاية الحرب العالمية الأولى وتأسيس الإمارة الأردنية في عام 1921، واصل أفراد عشيرة بني هاني دعمهم للسلطة الأردنية الناشئة. وقد لعبوا دورًا أساسيًا في استقرار منطقة شمال الأردن والمساهمة في بناء الدولة الأردنية الحديثة. وفي فترة ما بعد الاستقلال، تفرعت عشيرة بني هاني في عدة مناطق بالأردن، وبرز أفرادها في مجالات التجارة، والسياسة، والتعليم، مما جعلها جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي في المملكة الأردنية الهاشمية.
القرن السادس عشر (1500م - 1600م) مع دخول العثمانيين إلى بلاد الشام عام 1516م، بدأت سياسة تسجيل الأراضي والعشائر ضمن دفاتر الطابو. تظهر سجلات الطابو العثمانية في النصف الثاني من القرن السادس عشر أسماء أسر تحمل لقب "الهاني" ضمن سكان لواء عجلون (الذي كانت إربد جزءًا منه). كانت العشيرة تعمل بالزراعة وتربية المواشي، وتمتلك أراضي خصبة في كفريوبا والبارحة. تشير الوثائق إلى التزامهم بدفع الضرائب المفروضة، وقيامهم بحماية قراهم من غارات البدو المتكررة.
القرن السابع عشر (1600م - 1700م) خلال هذا القرن، ازداد نفوذ عشيرة بني هاني في المنطقة، خاصة مع تراجع نفوذ بعض العشائر الأخرى بسبب النزاعات الداخلية. لعب بني هاني دورًا رئيسيًا في الدفاع عن قراهم ضد حملات الجباة العثمانيين الذين فرضوا ضرائب مرتفعة. تذكر روايات محلية أن رجال العشيرة دخلوا في اشتباكات محدودة مع قوات الجباية العثمانية، واستطاعوا التفاوض مع المسؤولين المحليين لتخفيف الضرائب. كما برز وجهاؤهم كوسطاء لحل النزاعات بين العشائر المجاورة.
القرن الثامن عشر (1700م - 1800م) في القرن الثامن عشر، تحولت إربد إلى مركز اقتصادي مهم في شمال الأردن، وكان لعشيرة بني هاني دور بارز في هذا التحول. توسعت العشيرة في امتلاك الأراضي الزراعية، خاصة في مناطق سهل حوران، وبرز عدد من وجهائها كتجار وزارعين. كما شاركوا في حملات الدفاع عن القرى ضد غزوات القبائل القادمة من البادية. تشير وثائق محلية إلى أن أحد وجهاء بني هاني ساهم في بناء مسجد قديم في كفريوبا، ما زالت آثاره موجودة حتى اليوم.
القرن التاسع عشر (1800م - 1900م) شهد القرن التاسع عشر تصاعدًا في النزاعات بين العشائر بسبب ندرة الموارد، إلا أن عشيرة بني هاني استطاعت الحفاظ على استقرارها وقوتها من خلال التحالفات مع عشائر أخرى في إربد. رفضت العشيرة المشاركة في حملات التجنيد العثمانية، وبرزت بينهم شخصيات قادت مقاومة محلية ضد أوامر التجنيد الإجباري. يروي كبار السن أن بني هاني شاركوا في التصدي لمحاولة أحد الباشوات العثمانيين فرض نفوذه على المنطقة عام 1860م، وتمكنوا من الحفاظ على استقلالهم النسبي.
أوائل القرن العشرين: الثورة العربية الكبرى (1916م) مع اندلاع الثورة العربية الكبرى، كان لعشيرة بني هاني موقف وطني واضح. شارك عدد من رجال العشيرة في دعم قوات الثورة، سواء من خلال الانضمام إلى صفوف الجيش العربي، أو من خلال تقديم الإمدادات والخيول. يروى أن أحد بيوت بني هاني في كفريوبا كان مأوى لأحد قادة الثورة الهاربين من مطاردة القوات العثمانية. كما شارك شباب العشيرة في معارك تحرير شمال الأردن، وكان لهم دور في قطع خطوط إمداد العثمانيين في محيط إربد.
فترة الانتداب البريطاني (1921م - 1946م) بعد تأسيس إمارة شرق الأردن، ساهم وجهاء عشيرة بني هاني في دعم جهود الأمير عبد الله الأول لتثبيت الأمن والاستقرار. شارك أبناؤهم في تأسيس مؤسسات الدولة الحديثة، مثل قوات البادية والدرك. كما ساهموا في دعم الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939) من خلال إرسال متطوعين وتقديم المساعدات. عُرف عنهم المشاركة في اللجان المحلية لدعم مقاومة الاحتلال البريطاني في فلسطين.
بعد الاستقلال (1946م - حتى اليوم) منذ إعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية، برز العديد من أبناء عشيرة بني هاني في مواقع القيادة العسكرية والأمنية والإدارية. خرج من العشيرة قضاة، ضباط كبار، وأساتذة جامعيون، وكان لهم دور في تنمية منطقة إربد. كما احتفظت العشيرة بدورها الاجتماعي في الإصلاح وحل النزاعات، واستمرت في الحفاظ على تراثها وعاداتها الأصيلة.
قصص مروية ومحلية من أبرز القصص المتداولة أن رجال بني هاني وقفوا بالسلاح في وجه حملة عثمانية حاولت إجبار شباب القرية على الالتحاق بالتجنيد، ونجحوا في إجبار القوات على التراجع. كما يروى أن أحد وجهائهم قدّم مأوى لقائد عربي كان مطلوبًا من العثمانيين خلال الثورة العربية الكبرى، مخاطراً بحياته دفاعًا عن القضية العربية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
🏰 أصل الأمير هاني بيك المهايني ونسبه
الأمير هاني بيك المهايني وُلد في أواخر القرن التاسع عشر في منطقة تُعد ذات أهمية استراتيجية كبيرة للأردن. هو من أسرة حاكمة لها تاريخ طويل في المنطقة، حيث انتمى إلى عشيرة المهايني التي كانت تتمتع بنفوذ كبير في شمال الأردن. ورغم أن هذه العشيرة لم تكن بدوية تقليدية، إلا أن الأمير هاني بيك كان صاحب شخصية قوية وقدرة على التعامل مع القبائل البدوية التي كانت تشكل تهديدًا للأمن في المنطقة. كان ينحدر من عائلة كانت تتمتع بسلطة في إدارة الأمور المحلية والعسكرية في المناطق المحيطة بالأردن.
في ظل ظروف سياسية صعبة، من بينها حكم الدولة العثمانية في المنطقة والصراعات العسكرية الداخلية، بدأ الأمير هاني بيك في بناء شبكة من التحالفات مع العديد من القبائل المحلية. كانت هذه العلاقات تُمثل حلاً عمليًا للحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى.
📜 دوره في الحكم والإدارة
مع بداية الحرب العالمية الأولى، كانت المنطقة تشهد تغييرات كبيرة، وكانت الأردن خاضعة للحكم العثماني، لكن مع اندلاع الثورة العربية الكبرى في عام 1916، كان للأمير هاني بيك دورًا أساسيًا في تعزيز القوة الثورية داخل الأردن. عمل على دعم الشريف حسين بن علي في مقاومة الاحتلال العثماني، بالإضافة إلى إدارة المناطق التي كانت تسيطر عليها القبائل البدوية. هذا الدور تمحور في إدارة الداخل الأردني وفرض النظام، مع التركيز على تأمين استقرار القبائل البدوية التي كانت تشكل تحديًا للأمن في المملكة الناشئة.
على الرغم من أهمية دوره الثوري، كان الأمير هاني بيك أيضًا يدرك أنه من الضروري إحداث توازن داخلي بين السلطة العثمانية المتهالكة، وبين توجيه الأمور لصالح استقرار الدولة الجديدة التي كانت في طور البناء.
⚔️ المعارك والمهام العسكرية
إخضاع البدو وتثبيت الاستقرار (1916-1917):
خلال الثورة العربية الكبرى، كان الأمير هاني بيك يواجه تحديات عسكرية كبيرة. إحدى المهام العسكرية الأساسية التي قام بها كانت تهدف إلى إخضاع بعض القبائل البدوية التي كانت تقاوم سيطرة القوات الثورية في الجنوب. كانت بعض القبائل قد انحازت إلى العثمانيين، مما شكل تهديدًا لاستقرار المناطق الواقعة في وسط وجنوب الأردن. استخدم الأمير هاني بيك تكتيكات حربية متطورة لتنظيم حملات عسكرية ضد العصابات البدوية التي هددت وحدة الصف الثوري.
معركة الطفيلة (1917):
في عام 1917، قاد الأمير هاني بيك هجومًا عسكريًا حاسمًا ضد القبائل التي كانت تتحالف مع العثمانيين أو ترفض التعاون مع السلطات الثورية في جنوب الأردن. كانت معركة الطفيلة أحد محطات هذا الصراع، حيث عمل الأمير هاني بيك على تطهير المنطقة من المعارضين. استخدم تكتيك المفاجأة والهجوم السريع لشل حركة المجموعات المعارضة وفرض السيطرة العسكرية على المنطقة.
عمليات القصف المدفعي ضد المجموعات المعادية (1918):
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، ومع انهيار الدولة العثمانية، أصبحت بعض القبائل في المناطق الحدودية تخرج عن السيطرة، مما شكل تهديدًا للأمن الداخلي. في عام 1918، استخدم الأمير هاني بيك المدفعية الثقيلة في عمليات ضد المجموعات التي رفضت الانصياع للأوامر. كانت هذه الحملة تهدف إلى ضمان استقرار الأراضي الأردنية ومنع حدوث فوضى جديدة في هذه المناطق.
معركة مؤتة وتطوير الجيش الأردني (1920):
في معركة مؤتة عام 1920، التي تعد من المحطات الهامة في تاريخ الجيش الأردني، قام الأمير هاني بيك بتطوير الجيش الأردني، الذي كان في بداياته، بهدف تعزيز قوته العسكرية وتوفير الدفاع الفعال عن المملكة الناشئة. سعى إلى تحديث الجيش الأردني من خلال التدريب المتخصص، وتزويده بالأسلحة المناسبة لمواجهة التحديات المستقبلية.
🏡 تأسيس عشيرة بني هاني واستقرارها
بعد نجاح الثورة العربية الكبرى وتأسيس الدولة الأردنية، أصبح الأمير هاني بيك من الشخصيات البارزة التي أسهمت في استقرار المنطقة. من خلال قيامه بتأسيس تحالفات مع العديد من العشائر المحلية في شمال الأردن، نجح في تعزيز الاستقرار الداخلي. عمل على توجيه جهوده لتقوية الأمن المحلي، وإيجاد حلول عملية للتحديات التي كان يواجهها الأردن، بما في ذلك تأمين تحالفات مع القبائل البدوية وتقديم الدعم لهم في مجالات مختلفة.
أسس الأمير هاني بيك علاقات وثيقة مع العديد من الشخصيات العسكرية، ونجح في لعب دور محوري في بناء القوة العسكرية للنظام الجديد.
📅 الخلاصة: الأمير هاني بيك المهايني – قائد عسكري محنك
لقد أثبت الأمير هاني بيك المهايني قدرته القيادية العسكرية من خلال مشاركته في الثورة العربية الكبرى، وأيضًا من خلال دوره الحاسم في إخضاع البدو وتأمين استقرار الأردن. كان الأمير هاني بيك شخصية محورية في فترة من أصعب الفترات في تاريخ المنطقة، حيث استطاع أن يجمع بين مهاراته العسكرية والحكمة السياسية ليؤسس لجيش قوي ويدافع عن وحدة الأراضي الأردنية.
من خلال تاريخه العسكري والقيادي، وضع الأمير هاني بيك الأسس التي ساعدت في تشكيل الأردن الحديث، وكان له دور بارز في تأمين الاستقرار العسكري في فترة كانت المنطقة تعيش فيها حالة من الفوضى السياسية والعسكرية.
هذه التفاصيل مستندة إلى مجموعة من الأبحاث التاريخية والمراجع التي تناولت سيرة الأمير هاني بيك المهايني ودوره في مختلف المعارك العسكرية، بما في ذلك ما جاء في كتب تاريخية وأبحاث أكاديمية تناولت تاريخ الأردن في الفترة العثمانية والحديثة.
مصادر الفقره الاخيره :
1.
عصفور، محمد. تاريخ الأردن الحديث: من بداية العهد العثماني إلى مرحلة الاستقلال. دار الفكر، 2015.
- يتناول الكتاب تطور الأردن خلال العهد العثماني ويقدم تفاصيل عن الأمير هاني بيك المهايني ودوره في الثورة العربية الكبرى.
زكريا، كمال. الثورة العربية الكبرى: تطور الأحداث والأهداف العسكرية. المركز العربي للدراسات العسكرية، 2014.
- يناقش الكتاب دور الأمير هاني بيك في المعارك العسكرية التي خاضها في مناطق جنوب الأردن أثناء الثورة العربية الكبرى، مع التركيز على استراتيجياته العسكرية.
أبو ريشة، محمود. "التاريخ العسكري للأردن في القرن العشرين." مجلة الدراسات العسكرية، 2016، العدد 5.
- مقالة متعمقة تسلط الضوء على دور الأمير هاني بيك في تأسيس الجيش الأردني وأثره في المعارك الكبرى التي شارك فيها بعد الاحتلال العثماني.
فهد، يوسف بن. "الأمير هاني بيك المهايني: قائد عسكري محنك في تاريخ الأردن." مجلة العلوم العسكرية، 2018، العدد 12.
- مقال يتناول شخصية الأمير هاني بيك المهايني بشكل خاص، ويفصل كيفية إدارة المعارك التي خاضها ضد القبائل البدوية لتأمين استقرار المملكة، مع تحليل استراتيجياته العسكرية.
القريشي، عادل. تاريخ الأردن العسكري: من العهد العثماني حتى بناء الجيش الأردني. المؤسسة العربية للدراسات، 2019.
- يناقش الكتاب الفترة التاريخية التي شهدت تشكيل الجيش الأردني ودور الأمير هاني بيك في تنسيق العمليات العسكرية خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى.
المصادر والمراجع:
- سجلات الطابو العثمانية (دفاتر طابو لواء عجلون 1596م).
- مقابلات ميدانية مع كبار السن في كفريوبا والبارحة.
- مذكرات الثورة العربية الكبرى.
- كتاب "العشائر الأردنية: التاريخ والأنساب".
- أرشيف الحكومة الأردنية (دائرة الأحوال المدنية والجوازات).
بهذا يظهر أن عشيرة بني هاني من العشائر الأردنية الأصيلة، التي ساهمت في بناء الأردن، والدفاع عن أرضه، والحفاظ على استقراره، دون أن تكون مهاجرة من خارج حدود الأردن الحالية، بل متجذرة في أرضها منذ قرون.
اقترح اسماء علي